هل مرشحك في البرلمان يملك ما يكفي لتمثيلك حقًا؟ BDF
بقلم: دكتور بيتر ناجى
زميل جمعية الضرائب المصرية وعضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والتشريع
الانتخابات البرلمانية لحظة فارقة في حياة أي مجتمع. فهي لا تقتصر على اختيار شخص لشغل مقعد تحت قبة المجلس، بل تعني منح وكالة تشريعية ورقابية لصوت يعبّر عن هموم الناس ويشارك في صياغة مستقبلهم. من هنا يصبح السؤال الأهم: ما هي المتطلبات التي يجب أن تتوافر في المرشح لعضوية مجلس النواب؟
أولى هذه المتطلبات السمعة الطيبة والنزاهة. فالمجتمع لا يحتاج إلى نائب يلاحقه تاريخ من شبهات الفساد أو المصالح الضيقة، بل إلى شخصية تحظى بثقة عامة وتاريخ نظيف بين أبناء الدائرة.
ثانيًا، تأتي القدرة على التواصل مع المواطنين. النائب الناجح هو الذي يفهم لغة الناس، يستمع إليهم، ويعبر عن مشاكلهم بوضوح، بعيدًا عن الخطاب المنمق الذي ينقطع عن واقع الشارع.
كذلك تبرز أهمية الوعي السياسي والقانوني. فدور البرلمان لا يقتصر على طلب الخدمات، وإنما يتسع ليشمل التشريع والرقابة على الحكومة. هذا الدور يتطلب مرشحًا لديه معرفة بالقوانين والدستور وآلية عمل المجلس، حتى يكون صوته مؤثرًا في القضايا الوطنية الكبرى.
ولا تقل أهمية عن ذلك وجود رؤية وبرنامج انتخابي واضح. الناخب الواعي يسأل: ما هي أولويات المرشح في الصحة والتعليم والبطالة وتحسين الخدمات؟ هل يمتلك خطة قابلة للتنفيذ، أم يكتفي بالشعارات العامة؟
كما أن التواجد الميداني الفعّال يمثل شرطًا أساسيًا. فالناس تبحث عن نائب بينهم، يشاركهم معاناتهم اليومية ويعمل على إيجاد حلول، لا عن شخصية تغيب بعد إعلان النتائج ولا تظهر إلا عند الاستحقاق الانتخابي التالي.
أما داخل المجلس، فيظل الرهان على قدرة النائب على بناء التحالفات. فنجاح التشريعات والرقابة لا يعتمد على الصوت الفردي، وإنما على العمل الجماعي والتفاهم مع باقي النواب.
ويبقى أخيرًا عامل الاستقلالية والالتزام. فالنائب لا يجب أن يكون تابعًا لضغوط خارجية أو مصالح خاصة، وفي الوقت نفسه عليه أن يحترم الانضباط الحزبي إن كان ممثلًا لكيان سياسي، حتى يوازن بين متطلبات دائرته ومسؤولياته الوطنية.
إذن، نحن أمام معايير واضحة: نزاهة، تواصل، وعي، رؤية، حضور ميداني، قدرة على التفاوض، واستقلالية. كل ناخب مطالب بأن يقارن بين هذه المعايير وبين من يطرق بابه طالبًا صوته.
السؤال الذي يبقى مطروحًا: هل المرشح الذي تفكر في اختياره قادر فعلًا على أن يكون صوتك الحقيقي تحت قبة البرلمان؟
