محمد معيط: مارس 2026 موعد بدء شعور المواطن بتحسن مستوى المعيشة
كتب- حسن سليم
أكد الدكتور محمد معيط المدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي وممثل المجموعة العربية، أن المواطن المصري سيبدأ في الشعور الفعلي بتحسن مستوى المعيشة وزيادة الإحساس بأي تحسن في الدخول أو المعاشات اعتبارًا من مارس 2026، موضحًا أن هذا التوقيت يمثل نهاية الإطار الزمني المتوقع لبرنامج الإصلاح الاقتصادي الجاري.
وأوضح معيط، خلال لقائه ببرنامج الصنايعية المذاع على قناة المحور ويقدمه الإعلامي محمد ناقد، أن العد التنازلي للإصلاح الاقتصادي بدأ فعليًا مع انطلاق برنامج صندوق النقد الدولي في مارس 2024، مشيرًا إلى أن مثل هذه البرامج تحتاج إلى فترة زمنية لا تقل عن عامين حتى تظهر نتائجها بصورة ملموسة، وهو ما يضع مارس 2026 كنقطة تحول حقيقية يشعر بها المواطن في حياته اليومية.
وأشار إلى أن المعاناة التي شهدها قطاع الإنتاج الصناعي والزراعي والدوائي خلال الفترة الماضية كانت نتيجة مباشرة لأزمة العملة الصعبة، واتساع الفجوة بين السعر الرسمي وسعر السوق الموازية، وهو ما انعكس بدوره على تسعير السلع وتوافرها، وألقى بآثار سلبية على مستوى معيشة المواطنين.
وأكد أن برامج صندوق النقد الدولي مع الدول تستهدف في جوهرها استعادة الاستقرار الاقتصادي، من خلال خفض خدمة الدين، والسيطرة على معدلات التضخم، وتقليص أسعار الفائدة، بما ينعكس تدريجيًا على تحسين الأداء الاقتصادي الكلي، ثم على حياة المواطنين.
وتناول الدكتور محمد معيط خلال اللقاء عددًا من الملفات الاقتصادية الحساسة، من بينها الفروق الجوهرية بين دور صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، ومسار الإصلاح الاقتصادي في مصر منذ عام 2016، فضلًا عن التأثيرات الاجتماعية المصاحبة للإصلاحات، خاصة على الطبقة المتوسطة، وحدود العلاقة بين السيادة الوطنية والتعامل مع مؤسسات التمويل الدولية.
وفي هذا السياق، أوضح أن طبيعة عمله داخل صندوق النقد الدولي تختلف جذريًا عن العمل التنفيذي الحكومي، مشيرًا إلى أن منصب المدير التنفيذي لا يقتصر على التمثيل الرمزي، بل يتضمن مسؤوليات فنية دقيقة، تشمل متابعة ملفات 12 دولة تمثلها المجموعة العربية داخل مجلس إدارة الصندوق، تختلف ظروفها الاقتصادية بين دول لديها برامج تمويل قائمة، وأخرى تخضع لمراجعات دورية، ودول تواجه أزمات سياسية أو اقتصادية معقدة.
وأكد معيط أن اختياره لتمثيل المجموعة العربية جاء نتيجة توافق الدول الأعضاء، بدعم رسمي من الدولة المصرية، وجهد دبلوماسي مكثف، عكس ثقة الدول العربية في الكفاءة المصرية وقدرتها على الدفاع عن مصالحها داخل واحدة من أهم المؤسسات المالية الدولية.
وتطرق إلى الصورة الذهنية المرتبطة بصندوق النقد الدولي، والتي غالبًا ما تقترن بإجراءات تقشفية قاسية، مشددًا على ضرورة التمييز بين دور الصندوق، الذي يتدخل في أوقات الأزمات التمويلية الحادة لمعالجة اختلالات ميزان المدفوعات، ودور البنك الدولي الذي يركز على التمويل التنموي طويل الأجل في مجالات التعليم والصحة والبنية التحتية.
وأوضح أن اللجوء إلى صندوق النقد الدولي لا يُعد خيارًا دائمًا، بل إجراءً استثنائيًا تفرضه ظروف اقتصادية ضاغطة، وأن البرامج الإصلاحية، رغم ضرورتها، قد تحمل كلفة اجتماعية في مراحلها الأولى، وهو ما يفسر الجدل المجتمعي المصاحب لها.
وعن دور الدول العربية داخل الصندوق، أشار معيط إلى أن للمجموعة العربية وزنًا مؤثرًا داخل مجلس الإدارة، لافتًا إلى أن آليات اتخاذ القرار تختلف من ملف لآخر، بما يمنح المجموعات الإقليمية مساحة حقيقية للتأثير في صياغة السياسات.
وفيما يتعلق بعلاقة مصر بصندوق النقد الدولي، استعرض معيط مسار التعاون الممتد منذ عام 2016، مرورًا ببرامج الدعم خلال جائحة كورونا، وصولًا إلى البرنامج الحالي، مؤكدًا أن هذه البرامج جاءت استجابة لظروف استثنائية، وليست خيارًا سياسيًا مجردًا، وأن السيادة الاقتصادية تظل بيد الدولة الوطنية.
وشدد على أن الإصلاح الاقتصادي عملية مستمرة وليست حدثًا لحظيًا، وأن الصندوق بات يولي اهتمامًا متزايدًا بالبعد الاجتماعي، ويشدد على أهمية شبكات الحماية الاجتماعية ودعم الفئات الأكثر تأثرًا بإجراءات الإصلاح، وعلى رأسها الطبقة المتوسطة.
وفي ختام اللقاء، أعرب الدكتور محمد معيط عن تفاؤله بتحسن المؤشرات الاقتصادية المصرية خلال الفترة المقبلة، مؤكدًا أن النجاح الحقيقي لأي برنامج إصلاح لا يقاس بالأرقام فقط، بل بمدى انعكاس هذا التحسن على حياة المواطنين، من خلال استقرار الأسعار، وتحسن الدخول، وتعزيز الثقة في المستقبل الاقتصادي.
