recent
عاجـــــــــــــــــــــــل

ماذا تعرف عن فضل الحديث " الجزء العاشر "

 ماذا تعرف عن فضل الحديث " الجزء العاشر "




إعداد / محمـــد الدكــــرورى

ونكمل الجزء العاشر مع فضل الحديث، وقيل أن الحديث ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، والخبر ما جاء عن غيره وقيل أن بينهما عموم وخصوص مطلق، فكل حديث خبر وليس كل خبر حديثا، وإن السنة في اللغة هي السيرة، والطريق القويم، وقد وردت في القرآن الكريم بمعنى الطريقة المتبعة، وكلمة السنة إذا أطلقت فهي تنصرف إلى الطريقة المحمودة، وقد تستعمل في الطريقة المذمومة ولكنها تكون مقيّدة، كقول النبي صلى الله عليه وسلم "من سن في الإسلام سنة حسنة، فعمل بها بعده، كتب له مثل أجر من عمل بها، ولا ينقص من أجورهم شيء، ومن سن في الإسلام سنة سيئة، فعمل بها بعده، كتب عليه مثل وزر من عمل بها، ولا ينقص من أوزارهم شيء" فالسنة هنا ضد البدعة، والبدعة هي طريقة في الدين مخترعة، تضاهي الشريعة، وهي ما أحدث مما ليس له أصل في الشريعة يدل عليه، وقد قال أبو منصور الهروي الأزهري، بأن السنة هى الطريقة المحمودة المستقيمة، وقال الشاطبي، ويطلق لفظ السنة في مقابلة البدعة؛ فيقال فلان على سنة إذا عمل على وفق ما عليه النبي صلى الله عليه وسلم، كان ذلك مما نص عليه في الكتاب أو لا، ويقال فلان على بدعة إذا عمل على خلاف ذلك" وقال ابن رجب الحنبلي " السنة هي الطريق المسلوك فيشمل ذلك التمسك بما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه الراشدون. 


من الاعتقادات والأعمال والأقوال، وهذه هي السنة الكاملة "  ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين بعدي، عضوا عليها بالنواجذ" وقال صلى الله عليه وسلم " فمن رغب عن سنتي فليس مني " ففيما يتعلق بمصطلحي الحديث والسنة، فإنهما يجتمعان في مواضع، ويفترقان في مواضع أخرى، فإن ما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم، من قول أو فعل أو تقرير يطلق عليه "حديث" كما يسمى أيضا "سنة" ويقول الشيخ عبد الله بن يوسف الجديع " السنة في المعنى الأُصوليِ مساوية للحديث بالتعريف المتقدم عن أهل الحديث، دون قيد أو صفة، واستثناء الصفة النبوية الشريفة من جملة السنن إنما وقع من أجل أن محل الكلام في السنة هو اعتبار كونها من مصادر التشريع، وهذا لا يندرج تحته الأوصاف الذَاتية، وإنما يستفاد من الأقوال والأفعال والتقريرات النبوية" وكذلك فإن كتب الحديث تسمى أيضا بكتب السنة، كما أن أهل الحديث هم أيضا من أهل السنة، فإذا اطلق لفظ السنة في الشرع فإنما يراد بها ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم، ونهى عنه وندب إليه قولا وفعلا، ولهذا يقال في أدلة الشرع، الكتاب والسنة، أي القرآن والحديث، أما بالنسبة لمواضع الافتراق، فإنه يطلق على هدي النبي صلى الله عليه وسلم، المجمل الثابت في جميع شؤونه "السنة"، أي طريقته ومنهجه وصراطه. 

ولا يطلق العلماء غالبا ههنا مصطلح "الحديث"، يقول العلامة سيد سليمان الندوي الهندي " الحديث كل واقعة نسبت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ولو كان فعلها مرة واحدة في حياته الشريفة ولو رواها عنه شخص واحد، وأما السنة فهي في الحقيقة اسم للعمل المتواتر، أعني كيفية عمل الرسول صلى الله عليه وسلم المنقولة إلينا بالعمل المتواتر، بأن عمله النبي صلى الله عليه وسلم، ثم من بعده الصحابة، ومن بعدهم التابعون، ولا يشترط تواترها بالرواية اللفظية، فطريقة العمل المتواترة هي المسماة بالسنة، وهي المقرونة بالكتاب في قوله صلى الله عليه وسلم "تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما، كتاب الله تعالى وسنة رسوله" وهي التي لا يجوز لأحد من المسلمين كائنا من كان تركها أو مخالفتها وإلا فلا حظ له في الإسلام" وقد اختلف معنى السنة في اصطلاح المشرّعين حسب اختلاف اختصاصاتهم، فهي عند الأصوليين والفقهاء غيرها عند المحدثين، فعند الأصوليين والفقهاء، فتستعمل للدلالة على فيما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، من غير وجوب، وهي حكم من الأحكام الخمسة، الواجب، الحرام، السنة، المكروه، المباح، مثال ذلك صلاة ركعتين بعد المغرب فاستعمال الفقهاء مصطلح "سنة" في بيان حكم استحباب فعل معين، ولا يستعملون مصطلح "حديث" وتستعمل في مقابل كلمة البدعة.

كقولهم طلاق السنة كذا، وطلاق البدعة كذا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" إذن، فعلماء الفقه في استعمالهم للحديث ولمصطلح السنة، فإنما بحثوا عن حكم الشرع في أفعال العباد، مستدلين بما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، من سنة قول أو فعل أو تقرير، كما يسمي العلماء الالتزام بالقدر الوارد في الشريعة وعدم الزيادة والابتداع في الدين بالسنة، ولا يسمون ذلك بالحديث، ومنه مقولة عبد الرحمن بن مهدي المشهورة بأن " سفيان الثوري إمام في الحديث، وليس بإمام في السنة، والأوزاعي إمام في السنة، وليس بإمام في الحديث، ومالك بن أنس إمام فيهما جميعا" وحين يتكلم العلماء على الروايات تصحيحا أو تضعيفا إنما يستعملون مصطلح الحديث، ولا يستعملون مصطلح السنة، فيقولون هذا حديث ضعيف، ولا يقولون هذه سنة ضعيفة، أما عند المحدثين، فالسنة مرادفة للحديث، وهي كل ما أثر عن النبي صلى الله عليه وسلم، من أخبار وأقوال وخلق وشمائل وأفعال سواء أثبت المنقول حكما شرعيا أم لا، والصلة بين المعنيين اللغوي والاصطلاحي عندهم واضحة، لأن قول النبي صلى الله عليه وسلم، وفعله وتقريره طريقة متبعة عند المسلمين لا يجوز الحياد عنها، ودليله ما جاء في القرآن الكريم فى سورة الأحزاب.

" وما كان لمؤمن ولا مؤمنه إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا " وهنالك بعض الأحاديث الشريفه التي تدل على أن هذا المعنى الاصطلاحي قد استعمل من قبل النبي صلى الله عليه وسلم، فمن هذه الأحاديث قوله صلى الله عليه وسلم " تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما، كتاب الله وسنتي " وتنقسم السنة إلى قولية، وهي كل ما ورد من أقوال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، من لفظه، في مختلف الأغراض والمناسبات، فكل قول صحت نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وجب اتباعه فيه بحسب صيغته وما يقتضيه من وجوب ونحوه. ومثال عليها قوله صلى الله عليه وسلم "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل إمرىء ما نوى" أو قوله في ماء البحر "هو الطهور ماؤه الحل ميتته" والأصل في حكم السنة القولية هو الوجوب، لأن الأصل في الأوامر هو الوجوب، والأصل في النواهي هو التحريم، ما لم يرد ما يدل على خلاف ذلك، وهذا هو المعتمد عند أهل العلم، وهناك السنة الفعلية، وهي ما صدر عن النبي صلى الله عليه وسلم، من أفعال في كل أحواله، والتي نقلها لنا الصحابة، مثل كيفية أداء الصلاة، وكيفية وضوءه، وأدائه لمناسك الحج، وما إلى ذلك، وهي عادة أقل في قوة التشريع من السنة القولية، فليس كل أفعال النبي صلى الله عليه وسلم.

هى سنة يجب اتباعها، إلا فيما تعلق بالأفعال المتعلقة بالتشريع، ولهذا انقسمت أفعاله إلى ثلاثة أقسام، وهى ما صدر عنه صلى الله عليه وسلم، من أفعال خاصة به، وهذه ليس لغيره من الأمة اتباعها، وذلك كوصاله الصيام في شهر رمضان، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم، يصوم اليومين وأكثر من غير أن يأكل بينهما، وهو في نفس الوقت ينهى أصحابه عن ذلك لاختلاف حاله غيره من الأمة، وكتزوجه صلى الله عليه وسلم، بأكثر من أربع نساء، وكتهجده بالليل، حيث كان التهجد بالنسبة إليه صلى الله عليه وسلم، يعد واجبا، كما يدل على ذلك القرآن الكريم كما جاء فى سورة الزمر " يا أيها المزمل، قم الليل إلا قليلا، نصفه أو انقص منه قليلا، أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا، إنا سنلقى عليك قولا ثقيلا " وكذلك ما صدر عن النبي صلى الله عليه وسلم، بحكم بشريته كالأكل والشرب والنوم، وما إلى ذلك، فهذا النوع من الأفعال، وإن كان لا يعد تشريعًا ولا يجب التأسي به، إلا أنه وُجد من الصحابة مَن كان يقتفي أثره في ذلك محبة فيه، وحرصا على اتباعه، كعبد الله بن عمر رضى الله عنهما، وكذلك ما صدر عنه صلى الله عليه وسلم، وقصد به التشريع والاتباع، وهو نوعان، أفعال وردت بيانا لمجمل ما جاء في القرآن، فمثلا فما صدر عنه من أفعال خاصة بالصلاة كانت بيانا كما جاء من قول الله عز وجل في القرآن.

وقال النبي " صلوا كما رأيتموني أصلي" وما صدر عنه من أفعال خاصة بمناسك الحج كانت بيانا وما إلى ذلك من الأفعال التي تحمل الصبغة التشريعية، وأن هناك أفعال فعلها النبي صلى الله عليه وسلم، ابتداء، فعلى الأمة متابعته فيها، والتأسي به، وهذا إذا علمت صفته الشرعية، مثال ذلك قول عمر بن الخطاب رضى الله عنه، حينما كان يقبل الحجر الأسود في طوافه "إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله يقبلك ما قبلتك" وأيضا فإن هناك سنة تقريرية وهي كل ما أقره النبي صلى الله عليه وسلم، مما صدر عن بعض أصحابه من أقوال وأفعال، بسكوت منه وعدم إنكار، أو بموافقته وإظهار استحسانه وتأييده، ومثالها ما رواه أبو سعيد الخدري قال "خرج رجلان في سفر وليس معهما ماء، فحضرت الصلاة فتيمما صعيدا طيبا، فصليا، ثم وجدا الماء في الوقت، فأعاد أحدهما الصلاة والوضوء، ولم يُعد الآخر، ثم أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرا ذلك له، فقال صلى الله عليه وسلم، للذي لم يعد "أصبت السنة" وقال للآخر "لك الأجر مرتين " وكانت هناك سنة وصفية، وهي تشمل نوعين، الصفات الخُلقية وهي ما جبله الله عليه من الأخلاق الحميدة وما فطره عليه من الشمائل العالية المجيدة وما حباه به من الشيم النبيلة، ومثالها ما رواه البخاري عن أنس بن مالك قال " لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم سبَّابا ولا فحَّاشا ولا لعَّانا" والصفات الخَلقية وتشمل هيأته التي خلقه الله عليها وأوصافه الجسمية

google-playkhamsatmostaqltradent