recent
أخبار ساخنة

المواطنة المصرية مقابل المواطنة العالمية



المواطنة المصرية مقابل المواطنة العالمية



بقلم - عصام محمد عبد القادر سيد


أستاذ المناهج وطرق التدريس

كلية التربية بنين بالقاهرة_جامعة الأزهر

يؤكد الدستور الأخلاقي العالمي في مواده على أهمية الهوية العالمية، والتي بدورها تسهم في توطيد المواطنة العالمية، وفي هذا الخضم فإن هناك أتفاق على أن بني البشر على أختلاف أطيافهم وألوانهم وأفكارهم ومعتقداتهم سواء في الحقوق ومن ثم الواجبات تجاه ما يقيمون عليه _كوكب الأرض_ واتجاه بعضهم البعض؛ حيث الحق في الحياة وفق مرجعية هذا الدستور، مما يؤكد ضرورة تفاعل الإنسان مع أي شخص مهما اختلفت ثقافته وموطنه، وينتج عن ذلك انتقال هويته من منظور وطني محدود، إلى مفهوم وطني أشمل وأعم للعالم كله، وبالتالي يكتسب العديد من المهارات الحياتية، والتي تعد وظيفية في حد ذاتها، بل ومتطلب لاستمرارية النوع على ظهر البسيطة، مثل المشاركة المدنية والفعالية السياسية، والتعاطف الثقافي، واحترام التنوع، والقدرة على التوفيق بين الصراعات من خلال آليات سلمية، بما في ذلك المناقشات والمفاوضات والقدرة على المشاركة بفاعلية في التغلب على التحديات المتجددة على العالم بأثره.

ومن يعتقد أن العالم كله موطنه؛ فهو الاعتقاد الصحيح، وهو ما يقوم على قناعة ذاتية تحث الفرد على دوره كمواطن في العالم أجمع، يحترم التنوع والاختلاف، ومن ثم يعي ما يحاك على الأرض من جوانب اقتصادية وسياسية واجتماعية وثقافية وتقنية وبيئية؛ كي تتأتى مشاركاته ومساهماته في الأعمال الخيرية على كآفة المستويات المحلية والعالمية؛ للحد من التفاوت بين بني البشر ومن ثم مجتمعاتهم، كما يؤسس المعتقد الصحيح على التعاطف والحب والانفتاح والرقي الفكري من رغبة جامحة لتحقيق مستقبل أفضل يهتم بالضرورة بحقوق الإنسان الدولية، وشيوع المساواة في أنحاء العالم، والحد من ظاهرة الفقر العالمي، والمعاناة الإنسانية، والاهتمام بالقضايا ذات الطابع العالمي.

إن القناعة بالمواطنة العالمية وما تشمله من قيم، تشعر المواطن المصري بالارتباط بتلك المنظومة العالمية وبالانتماء لها؛ حيث يرتبط مستقبله بالمنظومة الكونية، وليس بالإطار الضيق الذي يعيش فيه فقط، كما أن تنمية الوعي لديه  بقضايا المواطنة العالمية تعد ضرورة دولية لإعداده وفقاً للظروف والمتغيرات الدولية، ومن ثم تنمية شعوره نحو المستقبل الذي يتطلب التماسك والتضافر العالمي لمواجهة التحديات المستجدة التي تحيط بكوكبنا، بما يؤدي إلى الانسجام بين المجتمعات، من خلال معالجة الخلافات التي تنشأ بين مكوناتها، واستخدام لغة الحوار في حل المشكلات الاجتماعية المستحدثة، وبالطبع يسهم ذلك في حفظ حقوق المواطن المصري وحرياته، ويحفزه على تأدية الواجبات المطلوبة منه تجاه وطنه والعالم بأسره، من خلال تحمله المسؤولية بسبب مشاركته في إدارة الشؤون المجتمعية التي تخص مصالح الإنسانية جمعاء.

وفي المقابل فإن المواطنة المصرية تؤكد في أصولها على تعميق الإحساسٍ بالانتماء إلى الدولة المصرية وإلى مجتمع إقليمي وعالمي يتسم بالإنسانية، والدولة المصرية في دستورها تؤكد على أن يمتلك المواطن المصري الصفات العالمية، والتي تساعده في أن يساهم في بناء دولته، ويندمج في عالم أكثر آماناً وعدلاً وسلاماً، وتؤهله على أن يصير مسؤولاً في عالم يسوده السلام، ويتأتي ذلك من خلال:

 تقبل التحديات الحضارية، وما تفرضه من تداعيات تحتم على المواطن أن يمتلك وعياً بحقوق المواطنة العالمية ومسؤولياتها، بما يسهم في زيادة أمن واستقرار الوطن والمواطن على السواء، وتنمية الوعي بالمواطنة العالمية الفعالة لمواجهة تلك التحديات.

 توعية المواطن المصري بمبادئ المواطنة العالمية وقضاياها المختلفة، مما يجعله مشارك في حل مشكلاته، والعمل على تطوير جودة الحياة فيه.

 مساعدة المواطن المصري على الإندماج في المنظومة الدولية وحركتها المتكاملة ومصلحتها الكلية التي تعلو فوق الجميع.

 أهمية تعزيز شعور المواطن المصري بالروابط المشتركة بينه وبين بقية أفراد الجماعة كالدم والجوار والموطن وطريقة الحياة، بما فيها من عادات وتقاليد ونظم وقيم وعقائد ومهن وقوانين وغيرها. 

 عرض قضايا المواطنة العالمية المتعددة من خلال برامج مقصودة بما يساهم في تنمية المعارف والقدرات والقيم والاتجاهات، والمشاركة في خدمة المجتمعات، ومعرفة الحقوق والواجباب، من قبل المواطن المصري.

وينبغي أن يتاصل لدى المواطن المصري أن المواطنة العالمية تساهم في بناء الدول ذات الصبغة المدنية التي تحترم حقوق الأفراد وحرياتهم؛ فهناك ضرورة لأن يشارك الجميع في الشأن العام، وبالتالي يتعزز مفهوم المواطنة العالمية الفاعلة في ذهن المواطن العالمي.

وهناك أهمية لأن يدرك المواطن المصري مدى مساهمة المواطنة العالمية في تنمية القيم الأساسية والمبادئ التي يرتكز عليها المجتمعات الإنسانية كآفة المتمثلة في: كرامة الإنسان والعدالة والحرية والمساواة أمام القانون، فتعترف بالتعدد والتنوع العرقي والعقائدي، عندئذ تقدم مصلحة الأوطان على المصالح الخاصة للأفراد، وفي ضوء ذلك ينبغي أن يقتنع المواطن المصري بأن المواطنة العالمية تعمل على تنمية الإحساس بالانتماء وبالهوية العالمية دون غيرها.

وهناك دوراً مهماً يقع على عاتق المؤسسات التعليمية في وطننا العزيز تجاه المواطن المصري؛ حيث ضرورة تنمية مبادئ المواطنة العالمية وقضاياها المختلفة لدى المتعلمين بمتنوع السلم التعليمي، ومن ثم فإذا تعلم المتعلم كيف يحيا مواطنًا متفاعلاً واعيًا مشاركًا فإن ذلك حتماً يؤدي إلى أن يشارك بفعالية في الحياة العامة، بحيث تصبح المشاركة أسلوب حياة أكثر منها معلومات تقف عند حد المعرفة بها.

ولا مناص من تشخيص واقع المواطنة العالمية والقيم المستخلصة من قضاياها والكشف عن المشكلاته المجتمعية ومعالجة سلبياتها، والعمل على تنمية وعي المواطن المصري بها، تحقيقًا لمبدأ العدل والمساواة في الحقوق والواجبات، والذي إن تحقق؛ فإن ذلك يؤدي تلقائيًا إلى ارتفاع الشعور بقيم المواطنة العالمية لدى المواطن المصري، وهو ما ينعكس - إيجابيًا - على مستوى التكامل الاجتماعي في المجتمعات قاطبة.

حفظ الله مصر وبلاد العالم، ونفع بالبسيطة رجالاً حملوا على عاتقهم رسالة السلم والسلام، من أجل بني البشر، وفق ما تدعوا إليه الإنسانية من قيم يصعب العيش دونها ....!!!!

المواطنة المصرية مقابل المواطنة العالمية


google-playkhamsatmostaqltradent