recent
عاجـــــــــــــــــــــــل

قصة : " ترياق السعادة " بقلم : إدريس جوهري

 قصة  :  " ترياق السعادة " 

قصة  :  " ترياق السعادة "   بقلم : إدريس جوهري



بقلم : إدريس جوهري

مر أسبوعين منذ خروحي من المصحة النفسية ، 

كنت أعاني من إكتئاب حاد ، بسبب انفصالي عن زوجتي ، 

لأني عقيم لا أستطيع إنجاب الأطفال ، كان زواجا عن حب ، 

دام عشر سنوات ، اكتملت قصة حياتي معها بدون أطفال .

ذهبت إلى الصيدلية ، لشراء الأدوية من مضاد الإكتئاب ، 

و المهدئات ، إنها تشبه المخدرات ، تجعلني ثقيل الحركة ، 

ضعيف التركيز ، و كثير النوم ، دائما أحس بالتعب ، 

و الخمول ، تأتيني خادمة لتنظيف و ترتيب البيت ، 

مرتين في الأسبوع ، و بما أني أصبحت عاجزا عن القيام 

بكثير من الأعمال لوحدي ، أرسلوا لي مساعد يعينني في حياتي ، 

كلما احتجت لشيء ، كقضاء وقت خارج البيت أو التسوق ، 

أو إجراءات إدارية ، و غير ذلك ...

وضعت كرسي في الشرفة المطلة على البحر ، أشرب القهوه ، 

و أستمتع بمنظر الأمواج المتلاطمة ، و طيور النورس تحلق 

في الفضاء ، عقلي يطير معها حاملا همومي ، أفكاري السوداوية ، اضطراباتي النفسية ، أحزاني كلها ، فيلقي بها في دوامة النسيان ، 

كنت وحيدا البارحة ، و اليوم صرت كذلك ، فقدت طعم الحياة ، 

لا أمان للدنيا ، لا تستقر على حال ، من كان يقول أننا سنفترق 

يوما ما أنا و " تتيانا " لكن ما لم يكن في الحسبان وقعت فيه ، 

وها أنذا أعزل بدون عائلة ولا حبيب ، يشاركني حياتي ...

في بعض المرات ، تزورني جارتي " جاكلين " فهي على علم 

بحالتي الصحية ، تحضر لي بعض الأكلات الدسمة و تبقى معي تؤنسني ، نتفرج في الأفلام الرومنسية و الكوميدية ، 

و مسلسلنا المكسيكي المفضل " أنت أو لا أحد " نسترجع 

من خلاله ذكريات ماضينا الجميل ، مع عشاقنا و بعض المرات 

آخذ سنارتي ، و أذهب إلى النهر لاصطياد السمك ، 

ثم آخذ ماصطدته لجارتي للعشاء ... 

أما يوم الأحد فهو أحسن أيامي ، أخصصه لزيارة الأيتام في الملجأ ، أستيقظ في الصباح الباكر ، أتصل " بدانيال " مساعدي الخاص ليرافقني في مشواري ، أستقل طاكسي ، و يشتري لي جميع 

الأغراض التي يحتاجها الأطفال ، من الخضر و الفواكه و اللحوم 

من كل الأصناف ، حتى الحلويات و اللعب ، و لائحة الطلبات 

التي كتبوا لي آخر مرة من أدوات و مجلات ، كل واحد أخصص له طلبه في علبة بإسمه ، بعد انتهاءنا من التسوق نذهب إلى الميتم ، كعادتهم ينتظرونني عند الباب ، فور وصولي و نزولي من السيارة ، يسرعون جريا نحوي ، ينادونني .. " بابا عمر " .. " بابا عمر " .. 

و يقفزون حولي كالكتاكيت الصغار ، يعانقونني بحب و شغف كلهم ، حفظت جميع أسمائهم و طباعهم ، كأنهم أبنائي الذين لم أستطع إنجابهم بسبب عقمي ، أقربهم مني ، هم " فيونا " و " أندري " 

و " جاك " و " ميلاني " ، و " سمير " و " صوفيا " و كذلك 

" بياتريس " و " فيصل " ، و التوأمتين " ياسمين " و " كاميليا " ، 

لقد وجدت معهم طعم السعادة الذي افتقدته ، و أكثر من ذلك 

فهم يعطونني الحب و الحنان ، و الأمل في الحياة ، 

أرى فيهم حاضري و مستقبلي ، يومي و غدي ، 

اكتشفت معهم نفسي أكثر ، 

و أخيرا ذقت حلاوة الأبوة معهم ، 

حتى و إن لم يكونوا من صلبي ، 

فنحن صرنا عائلة واحدة متماسكة ، 

يجمعها الحب الإنساني ، الذي لا يعرف 

لونا ولا جنسا ولا دينا ...❣❣


                  بقلم / إدريس جوهري . " روان بفرنسا " 

                               04/07/21 Jouhari-Driss 

                Wiki Drama & "Many seek happiness in 

                   what is higher than man, and others 

               in what is lower than him. But happiness 

                       is as tall as a person.”Confucius

                   كثيرون يبحثون عن السعادة فيما هو أعلى 

                    من الإنسان، وآخرون فيما هو أوطى منه. 

               لكن السعادة بطول قامة الإنسان". كونفوشيوس

google-playkhamsatmostaqltradent