.jpeg)
في أكاديمية طيبة وبمشاركة عربية واسعة.. مؤتمر القيم والأخلاق يؤكد ضرورة الموازنة بين التعليم والذكاء الاصطناعي
كتبت- آية معتز صلاح الدين
شهدت أكاديمية طيبة بالمعادي صباح اليوم انطلاق فعاليات المؤتمر العلمي الدولي للمجلس العربي للتربية الأخلاقية، والذي جاء هذا العام تحت عنوان "القيم والأخلاق بين التعليم والذكاء الاصطناعي"، بمشاركة نخبة من كبار العلماء والخبراء والأكاديميين من مصر والدول العربية، في حضور رفيع المستوى يجسد اهتمام المؤسسات التربوية والفكرية بضرورة ترسيخ القيم الإنسانية في ظل التحولات الرقمية المتسارعة.
يترأس المؤتمر الأستاذ الدكتور صديق عفيفي، رئيس مجلس إدارة المجلس العربي للتربية الأخلاقية ورئيس أكاديمية طيبة، ويعاونه في رئاسته الأستاذ الدكتور صفوت النحاس، رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة الأسبق، والأستاذ الدكتور أحمد صديق، نائب رئيس مجلس إدارة أكاديمية طيبة، فيما يشغل الأستاذ الدكتور محمد المري منصب المقرر العام للمؤتمر ورئيس الجمعية العربية للقياس والتقويم.
حضر فعاليات المؤتمر عدد من الشخصيات البارزة من بينها الأستاذ الدكتور رضا حجازي وزير التربية والتعليم السابق ورئيس جامعة الريادة، والأستاذ الدكتور أسامة فخري الجندي وكيل وزارة الأوقاف، والدكتورة حنان موسى رئيس الإدارة المركزية للدراسات والبحوث بالهيئة العامة لقصور الثقافة، إلى جانب عميدتي معاهد طيبة العاليين للحاسب والهندسة الدكتورة سوزان أبو العينين والدكتورة راندا حسن، إضافة إلى نخبة من الأساتذة والباحثين من مصر والسعودية وقطر والجزائر وفلسطين والمغرب وسلطنة عمان وسوريا.
وخلال كلمته الافتتاحية، أكد الدكتور صديق عفيفي أن التربية الأخلاقية تمثل الركيزة الأساسية لأي منظومة تعليمية ناجحة، مشيرًا إلى أن المجلس العربي للتربية الأخلاقية الذي أسسه قبل عقدين يسعى لترسيخ مفهوم الدمج بين العلم ومكارم الأخلاق. وأوضح أن أكاديمية طيبة تضع الأخلاق ضمن مكون أساسي في المناهج الدراسية، إيمانًا بأن العلم لا يكتمل إلا بالأخلاق التي تصنع الإنسان الواعي القادر على البناء.
وقدّم الدكتور رضا حجازي ورقة عمل بعنوان "نحو تعليم إنساني متوازن"، شدد فيها على أن التعليم لا يقتصر على نقل المعرفة، بل هو عملية شاملة تهدف لغرس القيم وبناء الإنسان، مؤكدًا أن الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى إضعاف مهارات التفكير النقدي لدى الطلاب. ودعا إلى تحقيق توازن بين التكنولوجيا والأخلاق حتى يصبح الذكاء الاصطناعي وسيلة للنهوض لا أداة للسطحية.
من جانبه، أكد الدكتور أسامة فخري الجندي ضرورة أن تحكم الأخلاق تطور الذكاء الاصطناعي، مشيرًا إلى أن كل تجربة بشرية فقدت بعدها الأخلاقي انتهت إلى الفشل، مضيفًا أن الذكاء الاصطناعي يجب أن يكون في خدمة الإنسان لا العكس.
كما شددت الدكتورة راندا حسن على أهمية وعي الباحثين بخطورة الاعتماد الكلي على الذكاء الاصطناعي في إعداد الدراسات العلمية، مشيرة إلى أن معهد طيبة للهندسة وضع خطته الاستراتيجية استنادًا إلى مبادئ أخلاقية واضحة. ونصحت الشباب بالعودة إلى جوهر العلم والبحث والإبداع بدلًا من الاكتفاء بالمعلومات الجاهزة.
من جانبها، أوضحت الدكتورة حنان موسى أن وزارة الثقافة تعمل على تعزيز القيم والهوية المصرية من خلال ندوات ومبادرات توظف الذكاء الاصطناعي لخدمة الإنسان، مشيرة إلى أن الهيئة العامة لقصور الثقافة تمتلك 92 مركزًا تكنولوجيًا يقدم محاضرات للتوعية بالتحول الرقمي ومخاطر الاستخدام غير الأخلاقي للتكنولوجيا.
فيما أكد الدكتور شعبان كفافي أن الأخلاق هي جوهر بناء الإنسان قبل العلم، مستشهدًا بقول الله تعالى في وصف الرسول الكريم "وإنك لعلى خلق عظيم"، موضحًا أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون قوة للخير إذا وُجه توجيهًا قيميًا سليمًا.
واختتمت الجلسة بكلمة الدكتورة سوزان أبو العينين، التي رحبت بالمشاركين العرب والمصريين، مشيدة بالدور الريادي للمؤتمر في دعم الحوار العلمي حول دمج الأخلاق في منظومة الذكاء الاصطناعي، مؤكدة أن هذا الحدث يمثل منصة فكرية لبناء رؤية عربية مشتركة تربط بين التكنولوجيا والقيم الإنسانية.
ويهدف المؤتمر من خلال جلساته وورش عمله إلى ترسيخ دور القيم والمبادئ الأخلاقية في مواجهة تحديات الذكاء الاصطناعي في التعليم والمجتمع، وإطلاق حملة وطنية لتعزيز الأخلاق في التعليم، وبحث سبل توظيف التكنولوجيا في تطوير العملية التعليمية بما يحافظ على الهوية الثقافية ويوازن بين التقدم التقني والبعد الإنساني.
كما يتناول المؤتمر محاور متعددة تشمل القيم في عصر الذكاء الاصطناعي، وتأثير التكنولوجيا على الهوية الثقافية، وأمن المعلومات في المؤسسات التعليمية، وأخلاقيات البحث العلمي والتصميم الهندسي، إلى جانب بحث تجارب دولية في تطبيق معايير أخلاقية في التعليم الذكي.
ويأتي انعقاد هذا المؤتمر في وقت يشهد فيه العالم ثورة رقمية متسارعة، تؤكد الحاجة إلى دمج الأخلاق في مسار التكنولوجيا لضمان بقاء الإنسان في صميم عملية التطوير، وتحقيق تعليم يرتكز على القيم ويقود نحو مستقبل أكثر وعيًا وإنسانية.
