من يحدد مستقبل مصر؟
تحذيرات الرئيس تهز المشهد الانتخابي ومرشحون يجربون كسب الشارع بـ“أفكار خارج الصندوق”
بقلم: د. بيتر ناجي فوزي
تتقدم العملية الانتخابية في مصر وسط نقاش واسع حول جودة التمثيل وحدود المال السياسي ودور الوعي في حسم الاختيار. وفي هذا السياق جاءت رسالة الرئيس عبدالفتاح السيسي لتضع نقاطًا محددة أمام الناخب، محذرًا من وصول شخص جاهل أو غير مؤهل إلى موقع المسؤولية، ومؤكدًا أن الخطأ في صناديق الاقتراع لا يظل محصورًا داخل دائرة واحدة بل يمتد تأثيره إلى الدولة بأكملها.
وأشار الرئيس إلى أن المال السياسي يمثل خطرًا مباشرًا على جوهر المنافسة، لأنه يدفع الناخب إلى الاختيار بناءً على الإنفاق لا الكفاءة. وهذه الرسالة أعادت طرح سؤال مهم أمام الرأي العام
كيف نحمي القرار الانتخابي من النفوذ المالي ونضمن وصول الأكفأ؟
أولًا ملامح النظام الانتخابي المصري
يعتمد النظام الحالي على صيغة تجمع بين القوائم المغلقة المطلقة والنظام الفردي، وتخضع العملية لإشراف الهيئة الوطنية للانتخابات.
ورغم ذلك، يرى كثير من المتخصصين أن التطوير أصبح ضرورة لضمان منافسة عادلة والحد من تأثير المال السياسي وإعطاء الناخب مساحة أفضل للتقييم الموضوعي قبل الإدلاء بصوته.
ثانيًا خلفية التحذير من وصول “غير المؤهل”
تحذير الرئيس لم يكن سياسيًا بقدر ما كان دعوة صريحة لتحمّل المسؤولية. فالموقع العام يحتاج خبرة وإدراكًا لطبيعة الملفات، والمرشح غير المؤهل قد يؤدي إلى
• أخطاء في تقدير الأولويات
• قرارات متسرعة
• تعطيل مشروعات عامة
• انتقال الإدارة من منهج الإصلاح إلى العشوائية
الرسالة هنا واضحة
المنصب العام ليس مساحة للتجربة، والاختيار غير الدقيق قد يضع الدولة في مسار خاطئ.
**ثالثًا المال السياسي… التأثير الصامت في المشهد الانتخابي**
يمثل المال السياسي خطرًا بالغًا على نزاهة المنافسة، فهو يحول الانتخابات من ساحة برامج وأفكار إلى سباق نفوذ وإنفاق.
نتائجه واضحة
• صعود أشخاص بلا خبرة
• إضعاف الثقة الشعبية
• تحويل المناصب إلى أدوات نفوذ
• تراجع قيمة الصوت الانتخابي
ولذلك جاء التشديد الرسمي على أن حماية الدولة تبدأ من حماية العملية الانتخابية نفسها.
رابعًا مرشحون لجأوا إلى “أفكار خارج الصندوق”
رغم سيطرة الأنماط التقليدية، برزت نماذج لمرشحين اعتمدوا على محاولات جديدة للتواصل مع الجمهور.
أبرز ملامح هذه التجارب
• حملات توعية بأساليب مباشرة
• تواصل تفاعلي مع المواطنين
• طرح رؤى واقعية مرتبطة بحياة الناس
• مبادرات خدمية رمزية لكن مؤثرة
• رسائل انتخابية واضحة وسهلة الفهم
هذه المحاولات لم تُتوَّج بالفوز، لكنها استطاعت
• لفت الانتباه
• خلق تعاطف شعبي
• تقديم نموذج لمنافس يعتمد على الفكرة لا النفوذ
• إثبات استعداد الجمهور للتفاعل مع خطاب واعٍ وجاد
كانت تجربة خاسرة في المقاعد لكنها رابحة في الرسالة.
ختامـًا، تُظهر التجربة الانتخابية في مصر أن حماية الدولة تبدأ من وعي الناخب قبل أن تبدأ من لجان الاقتراع. فالصندوق لا يصنع تغييرًا حقيقيًا إذا لم يُحسن الناس الاختيار، ولا يمنح شرعية راسخة لمن يتكئ على المال بدل الكفاءة. وكانت رسالة الرئيس واضحة وهي إعادة ترتيب الأولويات وتحديد مسؤولية كل طرف.
ويبقى السؤال الذي يسبق كل استحقاق
هل يمنح الناخب صوته لمن يمتلك القدرة أم لمن يمتلك النفوذ؟
الإجابة وحدها هي التي ترسم ملامح البرلمان المقبل، وتشكل مستقبل البلد.
