مؤتمر في الجمعية الوطنية الفرنسية يجدد دعم الحل الثالث ويؤكد فشل سياسات الاسترضاء تجاه إيران
كتب - حسن سليم
استضافت الجمعية الوطنية الفرنسية، يوم الاثنين 15 ديسمبر 2025، مؤتمراً دولياً موسعاً ناقش تطورات الأزمة الإيرانية وسبل الخروج منها، وذلك تحت عنوان الأزمة الحالية في إيران والحل المتاح، بمبادرة من اللجنة البرلمانية من أجل إيران ديمقراطية، برئاسة النائبة كريستين أريغي، وبمشاركة واسعة من نواب فرنسيين من مختلف التيارات السياسية، إلى جانب شخصيات أوروبية بارزة في مجالات السياسة وحقوق الإنسان والقانون.
وشكل المؤتمر منصة سياسية وحقوقية مهمة لتسليط الضوء على تصاعد الأوضاع المتأزمة داخل إيران، حيث أجمع المشاركون على فشل سياسات الاسترضاء، مؤكدين أن الحل الحقيقي يكمن في دعم نضال الشعب الإيراني ومقاومته المنظمة من أجل إسقاط النظام وإقامة جمهورية ديمقراطية.
وكانت السيدة مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، المتحدثة الرئيسية في المؤتمر، حيث قدمت عرضاً شاملاً عن المشهد الإيراني، ووصفت الأوضاع داخل البلاد بأنها وصلت إلى مرحلة اللاعودة في ظل القمع المتصاعد وانتهاكات حقوق الإنسان.
وأكدت رجوي أن النظام الإيراني يعيش أضعف حالاته، مشيرة إلى أن عام 2025 شهد إعدام أكثر من 2000 سجين، من بينهم عشرات النساء، في محاولة لفرض مناخ من الرعب ومنع اندلاع انتفاضة شعبية جديدة. وأوضحت أن تركيز النظام ينصب على استهداف أنصار المقاومة، لا سيما من يدعمون منظمة مجاهدي خلق، حيث يواجه عدد من السجناء خطر الإعدام الوشيك بهدف ردع الشباب عن الانخراط في صفوف المقاومة.
وشددت رجوي على أن ما يتنامى داخل إيران ليس الخوف، بل روح المقاومة، لافتة إلى اتساع رقعة الاحتجاجات داخل السجون وفي مختلف فئات المجتمع، نتيجة تفاقم الأزمات الاقتصادية وانتشار الفقر وارتفاع معدلات التضخم، إلى جانب نهب ثروات البلاد لتمويل برامج الصواريخ والمشروع النووي والحروب الخارجية.
وتطرقت إلى ما وصفته بتجربة الأشهر الماضية، مؤكدة أنها أثبتت صحة ما تسميه المقاومة الحل الثالث، القائم على رفض الحرب الخارجية وسياسات الاسترضاء في آن واحد، والدعوة إلى تغيير النظام على يد الشعب الإيراني ومقاومته المنظمة.
وأكدت رجوي أن النظام، في مواجهة هذا الواقع، يلجأ إلى حملات دعائية مكثفة ومحاولات لشق صفوف المعارضة، مشددة على التزام المقاومة بإقامة جمهورية ديمقراطية تعددية غير نووية، قائمة على المساواة بين المرأة والرجل، وإلغاء القوانين القمعية، وضمان الحقوق القومية، بما في ذلك الحكم الذاتي لكردستان إيران.
ودعت في ختام كلمتها إلى اعتراف دولي صريح بنضال الشعب الإيراني ووحدات المقاومة في مواجهة حرس النظام، معتبرة أن حرية إيران لم تعد شأناً داخلياً فحسب، بل ضرورة لتحقيق السلام والاستقرار على المستويين الإقليمي والدولي.
من جانبها، أكدت النائبة كريستين أريغي، في كلمتها الافتتاحية، أن موجة الإعدامات القياسية تعكس حالة الضعف والخوف التي يعيشها النظام، مشيرة إلى أن تنفيذ مئات أحكام الإعدام خلال شهر واحد يعد دليلاً واضحاً على تصاعد القمع في مواجهة الاحتجاجات المتنامية. واعتبرت أن النضال في إيران لم يعد مجرد مطلب سياسي، بل واجب إنساني وأخلاقي.
وشددت أريغي على أن الوقائع أثبتت فشل جميع البدائل المطروحة، سواء التدخل الخارجي أو سياسات الاسترضاء أو إعادة إنتاج أنماط حكم سابقة، مؤكدة أن الطريق الوحيد الواقعي يتمثل في التغيير الذي يقوده الشعب الإيراني ومقاومته المنظمة. كما أشادت بخطة النقاط العشر التي طرحتها مريم رجوي، معتبرة أنها تقدم تصوراً عملياً ومتكاملاً لمستقبل ديمقراطي شامل في إيران.
وشهد المؤتمر مداخلات لعدد من الشخصيات السياسية والحقوقية الفرنسية والأوروبية، الذين أجمعوا على دعم المقاومة الإيرانية، محذرين من الأنشطة الإرهابية للنظام داخل أوروبا، ومن حملات التشويه التي تستهدف قوى المعارضة. وأكد المتحدثون أن المقاومة المنظمة ووحدات المقاومة داخل إيران باتت تشكل طليعة التغيير المرتقب، وأن الاعتراف بها ودعمها يمثلان خطوة أساسية نحو إنهاء عقود من القمع وعدم الاستقرار.
واختتم المؤتمر بالتأكيد على أن الأزمة الإيرانية دخلت مرحلة حاسمة، وأن الخيار الوحيد القادر على إنهاء معاناة الشعب الإيراني يتمثل في دعم مسار التغيير الديمقراطي الذي تقوده قوى الداخل، بعيداً عن الوصاية الخارجية أو الحلول المؤقتة التي أثبتت فشلها عبر السنوات.
